حمزة العطار
لم يكتفِ بعض صهاينة الداخل بكل ما فعلوه قبلاً ولا يزالون، من جرائم ومجازر وآهات أمهات ثكالى بفقد أحبة لا ذنب لهم سوى أنهم لبنانيون، أجبرتهم حروب أهلية مضت أن يدفعوا أثمانها دون أن يكون لهم ذنب، يتلوها كل فساد وسرقة أوصلتنا الى حضيضٍ وقاع بل هاوية، يصعب الخروج منها، ليأتِنا بعضهم اليوم، منذراً ومهولاً بحروب باتت ساعاتها قليلة وأيامها أقل، معتمدين على ربط تصاريحهم بمصادر خاصة مطلعة قريبة من ساحات القرار الدولي .
يتحول البعض من اللبنانيين نتيجة هكذا تصريحات الى القلق والتوتر والتهافت على المحال لتأمين كل مستلزمات باتت بحكم الواقع، مضطرين في بعض أحيان أن يبتاعوا بعض ما يملكون خوفاً من الوصول الى الحاجة المادية لتأمين أغراضهم قبل جنون أسعارها، ناهيك عن توتر لجهة السكن والتنقل واختيار المكان الأقل خطراً عليهم وعلى أفراد أسرهم تلافياً لخطر بات بحكم الواقع المؤكد في وقت قريب .
ولكن مهلاً! من تكون تلك الجهات التي تدلي دلوها مفيدة بأحداث واقعة ترتبط بأيام وربما ساعات ؟ وما هو الرابط بين القائلين بهذه التصريحات معهم ؟ هل هم أصحاب قرار في الحكومة والجيش الصهيوني ويخبرونهم بأمر واقع ام ماذا ؟
الأهم من كل التساؤلات، هل هو كلام يصدر عن شخص عاقل وتصريحات لشخصية معتبرة أم أنها تصريحات عابرة ممن لا يملكون غير الكلام ؟
للأسف فإن هذه الكلمات تصدر عن أشخاص لهم وزنهم السياسي وثقلهم في اللعبة الداخلية ولكلامهم أثر في مؤيدين ليسوا بالقلة وآخرين قد ترهبهم هكذا تصريحات في ظل غليان إقليمي .
اذن هذه التصريحات التي صدرت عمن هم وازنون، تمنينا أن يكونوا موزونين، ويعرفون ما قد تفعله تلك الكلمات في ظل الغليان الحاصل، في وقت كان أجدى بهم إطلاق عبارات التضامن مع أهالي الجنوب والمناطق التي تتعرض لما تتعرض له، وإسماع السواد الاعظم من المتابعين، مؤيدين كانوا أو معارضين، لكلمات تثلج القلوب وتريح التشنج، مبرزة دور مقاومة حمت وتحمي وستبقى المحامي عن هذه الجغرافية .
المتابع لما قيل ويقال، إن أحسن الظن بهم سيلحق حُسن ظنه كثير انتقاد لمن يجب أن يكونوا سباقين لحسن الظن بالمقاومة، تاركين كل طمأنينة على كل متوتر وقلق .
أما من اختار مقاربة الواقت لكلامهم، رابطاً ذلك التهويل بماضٍ ليس ببعيد لبعضهم، لَتَأكد حق اليقين، بأنهم عملاء أجادوا العمالة بكل أبوابها، ولتيقنوا من خبث نوايا وأفعال من هؤلاء .
بالمقاربة الواقعية الخالية من أي عواطف أو أماني، فإن المتابع فقط ببعض تمعن لما يحصل، لعرف حق اليقين بأن نوايا التوسع والتمدد لدى الصهاينة قائمة منذ قيام ذاك الكيان، وعرف أن اسرائيل لو كان بمقدورها فتح جبهة الجنوب والتوغل في أراضيه، لقامت بهذا الامر منذ الثامن من تشرين، بعيد بدء الطوفان، ولم تكن لتنتظر أرضية كانت أكثر تهيئة من ذلك التاريخ، ترافق مع احتضان وتأييد عالمي لهذا الكيان ودعم وتسليح منقطع النظير حصلت عليه اسرائيل، لكن الحقيقة التي يعرفها الصهاينة جيداً، ولربما عرفها بعض صهاينة الداخل، ما يمكن أن يحدثه هكذا تهور وما ينزل بإسرائيل بكوارث تعمل على محاولة تأخيرها الى حين .
لقد خبر الصهاينة جيداً ما حقيقة هؤلاء الرجال وما هي قوتهم وماذا يمكن أن يصنعوا، وحرب تموز عام ٢٠٠٦ ليست بالتاريخ البعيد الذي قد ينسيهم ما كانت النتيجة .
الخلاصة، أن التهويل الحاصل في يومنا هذا من بني صهيون الخارج وخلفم كل عُتاة الكون، ومن بعض صهاينة الداخل لم يكن إلا لإضعاف وتأثير تلك القواعد التي عرفت الثقة بصدق الكلام وخبرت الانتصارات بعد الهزائم، مذ خبرتهم، ولا زالت وستبقى، عارفة أين توضع الثقة وأين تكون الرجال .
لعلّ ما يصدر أحياناً هو نعمة علينا لنزداد يقيناً بخيارنا، وعلماً بأننا نتكئ على جبال شامخة ما انحنت يوماً ولن تنحني، وازددنا يقيناً بحجم الكره والضعينة والحقد الذي تولد قبلاً في تلك النفوس الضعيفة، ليعلو الصوت مدوياً أكثر ويصيب في أولئك ما يصيب، أنْ يا صهاينة الداخل، اخجلوا واصمتوا، وأتركوا الأمر لأولي الأمر، الذين خبرناهم يوماً ودوماً وعنهم وعن نهجهم، لن نحيد .